تُعدّ القيادة نشاطًا يوميًا بالنسبة لمعظم الناس. فعليًا، هذا النشاط يتطلب تقدير المسافات وقراءة لوحات التشوير الطرقي واستخدام مجال الرؤية بشكلٍ فعّال مع معالجة تحركات باقي مستعملي الطريق الآخرين الطريق بشكل سريع.
تتأثر قراراتنا أثناء القيادة بشكل كبير بما تراه أعيننا على الطريق، وهذا يعتمد على عوامل متعددة. لذا، من الضروري أن يتمتع الشخص بقدرة بصرية كافية لتنفيذ هذه المهمة الأساسية. من خلال تحسين القيادة، ومن أجل قيادة آمنة، يتعين علينا تحسين الرؤية من خلال الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من النصائح المناسبة والعملية.
لماذا تعتبر الرؤية أثناء القيادة مهمة؟
لضمان قيادة مثالية، من الضروري على مستعملي الطريق توقع كل ما يحدث أثناء القيادة قدر الإمكان، مما يقلل من خطر وقوع الحوادث. وهذا يتطلب ليس فقط رؤية بعيدة، ولكن أيضًا مجال رؤية واسع بما يكفي. لهذا السبب، لذلك نصت مدونة السير على متطلبات محددة بشأن القدرات البصرية المطلوبة للسائقين، وذلك للحد من مخاطر الحوادث. وبالتالي، يُحظر القيادة في الحالات التالية:
- إذا كان مجال الرؤية الأفقي ثنائي العين أقل من 120 درجة.
- إذا كانت حدة البصر في أحد العينين صفر أو أقل من 1/10.
كما يُحظر أيضًا القيادة إذا لم تتوافر الشروط التالية:
- إذا كانت الحدة البصرية الثنائية، عند استخدام العينين معًا، أقل من 5/10.
- في حالة حدة البصر صفر أو أقل من 1/10 في إحدى العينين، فإنه لا يجوز القيادة إذا كانت العين الأخرى لديها حدة بصرية أقل من 8/10.
- إذا كانت الحدة البصرية أقل من 8/10 للعين ذات الرؤية الأفضل وأقل من 4/10 ذات الرؤية الأضعف.
فهم مجال الرؤية أثناء القيادة
مجال الرؤية هو القدرة الأساسية لجميع سائقي المركبات ذات المحرك، حيث يسمح لهم بإدراك ما يحدث حولهم بزاوية °180 أمامهم. ينقسم هذا الحقل البصري إلى نوعين رئيسيين:
- مجال الرؤية المركزي
- مجال الرؤية المحيطي
مجال الرؤية المركزي:
يتوافق الحقل البصري المركزي مع المنطقة التي تكون أمامك مباشرةً. تقتصر مساحته على بضع درجات وهو مسؤول عن الرؤية التفصيلية مما يفسر قدرتنا على تمييز الأشياء بدقة، وإدراك ألوانها، وأشكالها، وتفاصيلها.
مجال الرؤية المحيطي :
يشمل مجال الرؤية المحيطي القدرة على إدراك ما يكون على حدود الحقل البصري المركزي مما يتيح لنا إدراك ما يجري حول محيط المركبة مثل اقتراب سيارة أخرى أو ظهور راكب دراجة. وعلى الرغم من أن الرؤية المحيطية أقل دقة من حيث التفاصيل، إلا أنها تلعب دورًا حيويًا في اكتشاف المخاطر المحتملة والتعامل معها بشكل فعال.
أهمية الرؤية في القيادة وتجنب الحوادث
تُعدّ الرؤية من أهم الحواس التي يعتمد عليها الإنسان في مختلف جوانب حياته، وتكتسب أهمية خاصة في مجال القيادة، حيث تُمثل حوالي 90% من المعلومات التي يتلقاها السائق أثناء قيادته للسيارة، مما يجعلها ضرورية لفهم وتقييم مختلف المواقف على الطريق والتصرف بشكل مناسب.
يعتبر مسح حقل الرؤية أمرًا حيويًا حيث يمكنك قراءة الحالات المختلفة على الطريق بشكل صحيح. قد يؤدي تحليل غير صحيح إلى عواقب خطيرة، مثل عدم الانتباه للمعلومات الحاسمة واكتشاف المخاطر في وقت متأخر. وهذا يمكن أن يؤدي إلى استجابة متأخرة تعرض سلامتك الشخصية وسلامة الآخرين على الطريق للخطر.
إليك بعض النصائح العملية لتحسين حقل رؤيتك أثناء القيادة:
- حركة النظر : تجنب التركيز على نقطة واحدة فقط على الطريق، فهذا سيمنعك من إدراك المعلومات المهمة الأخرى في محيطك. حافظ على نظرك في حالة حركة لتكون دائمًا مستعدًا.
- النظر إلى الأمام : من الضروري أن تحافظ على نظرك موجهاً للأمام، متابعًا الطريق. ستمكنك هذه الخطوة من التنبؤ بالعقبات وتخطيط سلوكك أثناء القيادة، وبالتالي تسهيل الحفاظ على مسار ثابت. عند النظر إلى الأمام، ستحصل على وقت أكثر للاستجابة للمواقف غير المتوقعة.
- الاتصال البصري : للتواصل الفعال مع سائقي السيارات الآخرين، لا تنسى البحث عن الاتصال البصري. سيمكنك ذلك من تجنب أي سوء فهم والتنبؤ بأفعال السائقين الآخرين.
تأثير السرعة على الإدراك البصري:
تؤثر السرعة بشكل كبير على الإدراك البصري للسائق. مع زيادة السرعة، تتقلص رؤية السائق من الجانبين مما يجعلها ضيقة مثل النفق وهو ما يؤدي إلى الزيادة في خطر الحوادث خاصة عند ملتقيات الطرق. فعندما تتحرك الأشياء الجانبية بسرعة تجعل العين غير قادرة على التقاطها، مما يقلص الرؤية إلى الجزء المركزي من الصورة.
نتيجة لذلك، السرعة العالية تقلل قدرة السائق على رؤية وتحليل محيطه (لوحات التشوير الطرقي ، الراجلين ، المركبات الأخرى، إلخ) والاستجابة بطريقة مناسبة وآمنة.
لشرح كيفية تأثير السرعة على مجال الرؤية، إليك بعض البيانات التوضيحية:
- عند سرعة 40 كلم/ساعة: يتمتع السائق بقدرة على تغطية مجال رؤية يبلغ زاوية 100 درجة تقريباً، مما يسهل على السائق اكتشاف الأشياء الموجودة خارج حدود الطريق.
- عند سرعة 70 كلم/ساعة: تتقلص الرؤية المحيطية، مما يحد من قدرة السائق على ملاحظة ما يجري حوله بزاوية 75 درجة فقط، وتستمر هذه الزاوية في الانخفاض كلما زادت السرعة.
- عند سرعة 100 كلم/ساعة: تنخفض زاوية الرؤية المحيطية إلى 42 درجة، مما يقتصر إدراك السائق على العناصر القريبة المباشرة من الطريق أو في المسار المجاور.
- عند سرعة 130 كلم/ساعة: تحدث ظاهرة تعرف باسم “تأثير النفق“، حيث تضيق الرؤية إلى زاوية 30 درجة فقط. هذا الانخفاض الكبير في مجال الرؤية قد يتسبب في عدم ملاحظة السائق للأشياء الموجودة على الأطراف مثل لوحات الإرشاد وأضواء إشارة المرور، والحيوانات، والعقبات والمشاة.
تأثير مجال الرؤية على القيادة والالتزام بالسرعات المحددة:
يُعدّ فهم مجال الرؤية أثناء القيادة أمرًا بالغ الأهمية لمعرفة العلاقة الوثيقة بين مجال الرؤية والالتزام بالسرعات المحددة. فعند القيادة بسرعة 60 كلم/ساعة في المناطق الحضرية، حيث يتشارك السائقون الطريق مع مستخدمين آخرين مثل المشاة وراكبي الدراجات، ناهيك عن عبور التقاطعات والنقاط الحرجة. في مثل هذه الظروف، يصبح اتساع مجال الرؤية ضروريًا لضمان السلامة.
تُتيح القيادة بسرعة معتدلة للسائقين استيعاب محيطهم بشكل أوضح، وجمع أكبر قدر من المعلومات المرئية اللازمة للقيادة الآمنة، وذلك في الوقت المناسب لمنع وقوع الحوادث.
على النقيض من ذلك، يُلاحظ انخفاضًا ملحوظًا في مجال الرؤية المركزي للسائق عند القيادة بسرعة 120 كم/ساعة على الطرق السريعة. حيث يميل الدماغ إلى التركيز بشكل أكبر على ما هو موجود مباشرة أمام السيارة، مما يقلل من قدرة السائق على إدراك محيطه الجانبي .يُؤكد ذلك على أهمية الالتزام بالسرعات المحددة على مختلف أنواع الطرق، لضمان مجال رؤية كافٍ يسمح للسائق بانتظار المخاطر المحتملة على الطريق بشكل فعال وتجنب الحوادث.
تحسين القيادة : نصائح لرؤية أفضل
تعتمد القيادة الآمنة بشكل كبير على رؤية جيدة. لتجربة قيادة أفضل وتقليل المخاطر، إليك بعض النصائح البسيطة التي يجب اتباعها قبل الانطلاق على الطريق:
- تأكد من أن مركبتك توفر ظروف رؤية مثالية، عن طريق الحرص على وجود زجاج أمامي نظيف وأضواء مصباح السيارة موجهة بشكل صحيح وكافية الإضاءة.
- احمِ نفسك من وهج أشعة الشمس باستخدام نظارات شمسية مناسبة.
- تجنب القيادة قدر الإمكان في الليل عندما تكون الرؤية محدودة.
- بعض الظروف، مثل بعض عناصر هيكل السيارة، قد تؤدي إلى تقليل مجال الرؤية. للحد من هذا التأثير، من الضروري استخدام المرايا الجانبية بانتظام، وتحريك العينين والرأس.
- إذا واجهت صعوبات في القيادة ليلاً، مثل صعوبة قراءة لواحات التشوير أو صعوبة تقدير المسافات، تجنب القيادة في هذه الظروف أو عندما يكون الإضاءة غير كافية، مثل في حالة المطر أو الضباب.